Showing posts with label مقالات اجتماعية. Show all posts
Showing posts with label مقالات اجتماعية. Show all posts

Thursday, July 16, 2020

ملك الغابة المريض




                        ملك الغابة المريض


يُحكى أن الأسد قد أصيب بمرضٍ غامض لم يُعرف تشخيصه. فأعلن المتحدث الرسمي باسم (عرين) الملك بأن هنالك جائزة كُبرى ووظيفة مرموقة (أبديّة) لمن يستطيع تشخيص العلّة ويصف الدواء الشافي.

بدافعٍ من ذلك العرض المُغري تقدّم الصادق بجانب الكاذب، المجنون قبل العاقل، الطامح كتفاً بكتفٍ مع الطامع، المتخصص وذاك الطرطنقي.

جاءت الحشود، فشوهدت طوابير عند البوابة. أحتار الحاجب من يُدخِل أولاً على الأسد المريض.

استغل حيرته تلك ثعلب عجوز قد أصفرّت شواربه من أثرِ دخان سجائر (ابو بس) قائلا لن ينفعكم غير بني ثعلوب فهم للطبابة أهل، ومعالجة الغوامض تخصص، فاسمح لنا أن نبدأ قبل غيرنا، وأضمن لك  أن الملك سيشفى فورا وبالتالي سيُنعمْ عليك أيها الحاجب العزيز بوظيفة (الوزير الأول)

بعد ما سمع الحاجب  الطامح عرض ثعلوب تراختْ رُكبه وضخّ ادرينالين شهوة السلطة والتسلّط في شرايينه فتهدّل حنكاه وسال لعاب شدقيه وسمح لثعلوب بحديثٍ شخصيّ يعني (راس براس)

في اليوم المُحدد دخلت (للعرين) كتائب بلا عدد من الثعالب فاختفى من المشهد الحاجب والملك والحُرّاس، فقط مناكب ثعلوبية متراصّة كتفا بكتف.

أكّد شاهد عيان بأنه قد سمع نداء استغاثة مبحوح وكأنه صوت الحاجب:

إننا نختنق بين الأذيال المتشابكة، من أنتم؟ هذي آخرتها؟


Thursday, July 9, 2020

سائق العائلة


 

سائق (العائلة) الذي أُستُقدِم من بلده وهو لم يُمارس أيّ فعل له علاقة بقيادة السيارات لا من قريب أو بعيد إذ مكاتب الاستقدام في الداخل ووكلاءها في الخارج لا يعنيهم ذلك بقدر ما يعنيهم قبض المال فتنتهي علاقتهم بالمسكين وقت تسليمه لكفيله في المطار.

سوف يتضح لاحقا جهل (السائق المنتظر) بأبسط قواعد ومهارات السواقة ما بالكم بالدخول في معمعة الاف السيارات الهادرة على الشرايين الرئيسة والطرق الدائرية في المدن الكبرى؟

حين تُصدم العائلة بذلك لا مناص من اللوحة الشهيرة ذات الابتكار المحلّي (السائق تحت التدريب) يعني "غشيم" ومتعافي فابتعدوا لو سمحتم!

الذي لم أُشر اليه من قبل وأنا الذي كتبت كثيرا حول ظاهرة حوادث الطرق أو(حرب الشوارع) هو الريموت الخفي القابع في المقاعد الخلفية والمستتر خلف الزجاج المُظلل. هذا هو الذي بيده مؤشّر رفع نسبة وقوع الحوادث من عدمه لأنه في حقيقة الأمر سائق خفيّ

لتعذرني كل امرأة في بلادي ينطبق عليها هذا الكلام لأن تلك التي تركب في المقعد الخلفي مع السائق (المسكين) في حقيقة الأمر تعتبر قوة ضاغطة على أعصابه وموجهة له، ف هي من يُحدد الوجهة والمسار، وهي من يُحديد سرعة الرحلة (أسرع أو لا تسرع) ولا علاقة لقرارها هذا بالسرعات القانونية على الطرق إذ يحكم ذلك من ينتظرها في جلسة الضُحى

أخطر ما يواجه ذلك المسكين هو القرارات الفجائية مثل أن يأتيه الأمر بالخروج يميناً مع أنه يسلك المسار الأيسر، لأن الريموت الخفي تذكّر أخيرا رقم المخرج المطلوب

تخيلوا كيف يتصرف المسكين حين تأمره الــ(ماما) بالتوقف فجأة (وقف، وقف، أرجع ورا) حتى يدخل الى شارع لم تكن السيدة متأكدة من موقعه

بالفعل مسكين أنت ايها السائق (تحت التدريب) حين ظلموك وأوهموك بأنك قبطان لا يشق له غبار، ومساكين أولئك الذين انطلت عليهم الاعيب مكاتب الاستقدام، و (هارد لك) ايها الريموت الخفي، ثم لتقرّ عين من قررت الاستغناء عن ذلك الصداع وقيادة سيارة العائلة بنفسها و يا دار ما دخلك (شرّ)

 


Sunday, June 28, 2020

مذكرات الأشهب (6)


 
(6)
_درستُ المشكلة برمّتها وتعرّفت على أطراف القضيّة فهل من مُعترض على تعيين الأشهب زعيما لجمعكم؟
قالها العجوز (الأطمش) بكل هدوء ورزانه وهو قط رمادي اللون قد وهنت قوائمهُ وابيّضت حدقتا عيناه وانسدل شاربه الأبيض حتى كاد أن يلامس صدره.
قد اتخذ الشجرة المُعمّرة وسط الحديقة مقراّ لا يبرحه اذ تطوّعت قطّتان ارملتان لخدمته ليتفرّغ للتأمل ومراقبة ما يدور بين القطط ولا مانع من حل الخلافات وبذل الرأي لكل طالب للنصح والمشورة لهذا فهو يحظى باحترام الجميع وقبول أحكامه وقراراته.

بعد فترة صمت وترقّب تقدم الجمع الغفير أخبث الصعاليك (ابو شنب) قائلاً:
-     يا حكيم لقد فوجئنا بالرفيق الأرقط يُقدّم لنا قط غريب غير معروف في ربوعنا ولم يسبق أن عاش بيننا ويسميه زعيماً علينا دون مشورة من أحد لدرجة أنه تجرأ حتى في تجاوزك ولم يستشرك في الأمر ونحن اقصد بذلك أنا اصالة عن نفسي ونيابة عن جموع القطط لا نقبل الاّ بمن يتفق الجميع على قيادته ويكون في الأول والأخير من بني جلدتنا و جدير بالزعامة.
أشار العجوز الى (ابو شنب) بالعودة لمكانة قائلاً:
-     استمعت اليك وفهمت سبب اعتراضك
ثم توجّه بكلامه الى كتيبة القطط المتحفّزة على يساره قائلا:
-     هل هناك من أحد غير المدعو (ابو شنب) لدية ما يود قوله في هذا الشأن؟
قال (الأجرب) دون أن يُسمح له بالكلام وبصوت ملؤه التحدي والتهديد:
-     نحن اصلا لم نقبل بالأرقط منذ نصّب نفسه زعيما علينا فما بالكم بالدخيل الغريب الذي سمعنا بأنه مطرود من بيت رجل اسمه (ابو رمش) وسبب طرده كان سوء سلوكه ولصوصيته اذ رغم أن البشر الذين استضافوه في منزلهم قد أكرموا وفادته ولم يبخلوا عليه بطعام أو شراب الا إنه رغم ذلك يسرق خلسة من مطبخهم اللحوم والاسماك وغيرها من أطايب الأطعمة وحين اكتشفوا خيانته ونذالته طردوه شرّ طرده فكيف يمكن قبول مثل هذا اللص زعيما مؤتمنا على اسرارنا مدافعا عن قضايانا نصيرا لنا على فصيلة البشر؟ أنا نيابة عن ثلاثي المعارضة ارفض وجوده اصلا هنا في ربوعنا و أطلب منكم حكيمنا أن....
قاطعه الأشهب وبصوت حاد مرتفع:
-     ممكن أعرف من أنت حتى تُلقي هذه التهم جزافا؟ وما هو موقعك من الاعراب؟ الا تخجل من نفسك وأنت تقول مثل هذه الأكاذيب؟ ولو سمح لي الحكيم بأن أطلب من هذا الدعيّ مصدر معلوماته الخاطئة عني أو سأرفع عليه قضيّة قذف في محكمة جنايات القطط الدوليّة.....
الأشهب

استلم الأرقط الدور ايضا دون أخذ الأذن بالحديث من العجوز الأطمش فقال:
-     اسمعوا،،، يقول ثلاثي المعارضة!!! بالله عليكم هل تسمى البلطجة واثارة القلاقل والفتن معارضة؟ هل التحالف سرّاً مع الأعداء وتسريب اسرارنا للغير معارضة؟ هل سرقة معونات أهل الخير من البشر وتوزيعها بالمزاج معارضة؟
يا حكيمنا أسألك بالله هل اتهامات هذا الكاذب يمكن قبولها والسكوت عنها؟
 توجه الجمع بأنظارهم ناحية العجوز (الأطمش) لسماع رأيه فيما قيل فوجدوه يغط في سبات عميق كحال بعض القادة من البشر اثناء القاء الخطابات المطوّلة في مؤتمراتهم العديدة التي لا تُثمر سوى كلام في كلام.  
الى الجزء السابع من مذكرات الأشهب يوم الأثنين القادم

Sunday, June 21, 2020

مذكرات الأشهب (5)


 

                          (5)                          

وقعت كلمة (انتخابات) كالصاعقة على مسمع الأرقط اذ كان يظن بأنه (قط) كل المراحل والقائد الأبدي دون منازع فمن اين أتت هذه المفردة الدخيلة وكيف وصلت الى عقول هؤلاء الصعاليك من رفاق التشرّد والبؤس؟

 لا بد وأن العجوز الجاسوس له يد في هذه الحكاية قالها مُحدّثاً نفسه.

حين تيقن بأن الطبخة قد بدأت تنضج، نظر بخبث الى الأشهب وابتسم ثم قال ليقطع الصمت:

-     ما رأيك يا زعيم في ما سمعت؟

وجد الأشهب نفسه في مأزق أوقعه فيه الأرقط فارتبك ثم تذكّر ما كان يسمعه من حوارات في التلفزيون ايام عزّ الدلع حينما كان في حضن الصغيرة "سوسو" وهي ملتصقة بوالدها (ابو رمش) فقال بصوت متهدّج:

-     خذوها مني... الانتخابات ما يجي من وراها الا الشرّ وأقول هذا الحكم بعد رصد لحال بعض الناس الذين حاولوا تقليد غيرهم وجرّبوا الانتخابات وهم ليسم بأهلٍ لها فزوروا ثم اقتتلوا ثم تبعثروا ولم يعودوا حتى كما كانوا قبلها.

 ثم تعالوا نسأل لماذا نحن القطط نقلّد البشر في كل أمورهم؟ هل رأيتموهم قد نجحوا في شؤون حياتهم وتدبير أمورهم؟ الا نستطيع نحن فصيلة السنّوريات أن نبحث عما يصلح لنا دون غيرنا؟

سادت همهمة بين القروب وتلاسن قط شاب مع (أبو شنب) حتى كاد أن يقع اشتباك بينهما لولا تدخّل الأرقط الذي قال:

-     كفى ....اسمعوني أيها الرفاق عندي لكم اقتراح. اعتقد بأنه لا يوجد بيننا أحد يشكك في مكانة وقدرة الحكيم (الأطمش)، ما رأيكم في أن نذهب اليه ونعرض الأمر عليه وكل من لدية مطلب أو رأي فليعرضه على حكيمنا العجوز ثم نسمع رأيه؟ لكن قبل أن نذهب لا بد أن نتعاهد على قبول الحُكم مهما كان.

توجهت أنظار الجميع ناحية الثلاثي المعارض في انتظار توضيح موقفهم مما طرحه الأرقط.

 بعد فترة صمت قصيرة قال (أبو جرب):

-     أشم رائحة مؤامرة قد دُبّرت بليل!! نحن لا نثق فيك يا الأرقط بسبب مواقفك السابقة المشبوهة، ولا يعني كلامي هذا التشكيك في الحكيم (الأطمش) رغم أنه قد أصبح عجوزا هو للخرف أقرب ولكن هو أفخر الموجود.

استلم الأشهب زمام الحديث فقال:

-     من كلامك يا (أبو جرب) نفهم بأنكم توافقون مبدئيا لتحكيم (الأطمش) واعتقد بأن موافقتكم هذه تعتبر خطوة أولى نحو تحقيق اتفاق دائم وشامل يوضح دون لبس أو غموض أمر زعامة هذا القروب ويمنع الخروج عن طاعة الزعيم وتنفيذ ما يراه مناسبا للجميع.

تململ (الأقطم) وهو بطبعه ملول عجول فقال:

-     خلاص،،، فضّوها سيرة، أراكم طوّلتوا الحكاية وهي قصيرة. نقبل تحكيم العجوز (الأطمش)

تهلل وجه الأرقط وكستًه علامات الانتصار وابتسم بخبث قائلاً:

-     عين العقل، اذاً هيّا يا رفاق الى الشجرة العتيقة مجلس حكيمنا (الأطمش).

الى يوم الأثنين القادم في الجزء (6)


Sunday, June 14, 2020

مذكرات الأشهب (4)


 

 (4)

بدأت القطط تهيء نفسها وكأن كل واحد منهم سيخوض مقابلة شخصية أو لقاء في برنامج تلفزيوني، ثم اصدر الأرقط صوتا لتسليك حنجرته ولفت الانتباه فقال:

-    أ يها الرفاق الأعزاء، أفراد (الأرقط قروب) يسرّني أن أقدّم لكم رفيق جديد، وجيه نبيل، بل زعيم قائد، ضحّى بملاذه المرّفه من أجلكم كي يقود مسيرتنا نحو الانعتاق من حالة التشرّد والتسكّع الى حياة ألــــ....قاطع خطبته ضحكات هستيرية صادرة من الثلاثة إياهم فقال ابو شنب وهو يقهقه:

-     هاهاهاها ، أسمعوا، قال ضحّى بملاذه...اووووه أوجعني بطني من الضحك.

رد عليه الأقطم وهو يؤشر باصبع يده اليمنى تجاه الأشهب:

-     المطرود يضحي من أجلكم...هاهاهاها

استلم الدور ابو جرب قائلاً:

-     اسألوا الزعيم المنتظر كيف كانت صفعة (ابو رمش) المدويّة على اذنه هل افقدته السمع أم لا... هاهاهاها

التفت الأرقط ناحية الأشهب وهو يكظم غيظه هامسا من بين شفتيه:

-     ما حذّرتك من الجاسوس العجوز؟ هيّا اسمع..... كل اسرارك عندهم!

أطرق الأشهب نحو الأرض كسيرا خافضا اذنه اليسرى دلالة الاستسلام، وقد كسته الفضيحة لباس هلامي شفاف ثم نظر الى الأرقط وكأنه يستجدي الخلاص.

لمح صديقة كل ذلك الضعف وأيقن بأن الفرصة قد أتت اليه طائعة فكسر الصمت قائلاً:

-     تمنيت ولا زلت أتمنى منكم أفراد قروبنا ألاّ تستمعون للوشاة والمدسوسين وعشاق الفتن، ولكن يبدو أن البعض منكم (وهو ينظر الى الثلاثي) يعجبهم أن نظل في فرقة وشقاق.

سادت فترة من الصمت والترقب حتى أضاف الأرقط وقد نفخ صدره ورسم ملامح صارمة على وجهه قائلاً:

-     اسمعوني جيدا: 

الكل يعرف أنني من فكّر ودبّر وأنشأ هذا القروب كي نواجه مصاعب الحياة وتحديات العيش بين بني البشر الغلاظ القساة، وكلكم تذكرون كم ضحيت وقدّمت مصلحتكم على مصالحي وكم تعرّضت للمخاطر والاهانات اثناء الدفاع عن احدكم حينما يقع في ورطة لا يستطيع الخروج منها، واليوم وا آسفاه أرى بعضكم يتنكر لكل هذا!

 وش فيها يعني حينما أُقدّم لكم قط نبيل رأيت فيه سيماء الزعامة

والشهامة والذكاء وأسميته زعيما علينا وقائدا لقروبنا؟

رد (ابو جرب) بعد فترة صمت قصيرة قائلاً:

ولماذا تُسمى الغريب مجهول التاريخ زعيما علينا؟ الا يوجد من بيننا من هو جدير بالزعامة؟ أليس هذا الفعل دليل على فشلك انت يا الارقط في تهيئة زعيم وصنع قادة للمستقبل أو كنت مشغولا طوال الوقت في التقرّب من (الفرنسية) الشقراء ونسيت مهامك التي من أجلها وافقنا على أن تكون كبيرنا ومتحدثا باسمنا؟

قاطعه (الأقطم) قائلاً:

-     لحظه، لحظه يا رفيق، دعني أكمل عنك وأنت الصادق لكي أقول للرفيق الأرقط الى متى وأنت القائد؟ نصّبت نفسك بنفسك زعيما علينا دون استشارة من أحد يعني أخذتها بقوة الذراع لهذا فأنت من الآن قائدا منتهي الصلاحية لا نقبل بك ولا برفيقك مجهول الهوية والتاريخ.

ساد هرج ومرج وانطلقت كلمات مؤيدة من هُنا وأخرى معارضة من هناك حتى خشي الأرقط أن يفلت زمام الموقف من يده فصرخ قائلاً:

-     كفى، كفى. من أنتم حتى تعارضونني وتقفون ضدي وأنا القائد الشرعي لكم؟

رد (ابو شنب) بصوته الأجش:

-     نحن حزب (نلعب أو نخرّب) يعني،، يا تشركوننا في القيادة والزعامة واتخاذ القرارات أو نخرّب عليكم اللعبة برمّتها!

عادت حالة الهرج والمرج وشُحنتْ النفوس بالتوتر فقال الأرقط وهو يكظم الغيظ:

-     حلوه حزب (نلعب أو نخرّب). طيب لنفترض قبولي بمعارضتكم ممكن تقولوا لي مُجمل مطالباتكم؟

رد الثلاث بصوت واحد:

-     انتخابات !!

ا  أُكمل يوم الأثنين القادم


Monday, June 8, 2020

الأشهب، مذكرات قط شوارع (3)

                              
الأشهب، مذكرات قط شوارع (3)

بعد عصر كل يوم يبدأ التوافد للحديقة وأكثر ما يزعجنا نحن القطط أطفال البشر. يُطاردوننا، يرجموننا بأي شيء في أيديهم.

رأيت يافعا بملابس رثّة يُمسك قطة صغيرة من ذيلها ويًلوّح بها كأنها لعبة وهي تموء بجنون.

لم أحتمل الموقف، ركضت ناحيته وأنا أصرخ بما يشبه الزئير وقد نفشت شعر ظهري ونصبت ذيلي للبدء في الهجوم وحين شاهد شخيري وتكشيرتي القى بالهرّة أرضا وهرب وأنا أركض وراه حتى اعترضني الأرقط.

_ خير، خير يا زعيم ما بك غاضبا؟

-     - الولد المتوحش كاد أن يقتل الهرّة

-     طيب وهل يستحق الأمر كل هذا الغضب؟ اهدأ وتعال أقدّمك لبقيّة الشلّة

-     قلت وأنا مستغرب من موقفه المتخاذل:

 كيف؟ يعني انت تشوف ان قتل هرّة صغيرة من قبل هؤلاء الأوباش أمر عادي لا يستحق الغضب؟

-     أووووه يا ما ح تشوف، قلت لك تعال، تعال معي يا زعيم

ذهبنا حيث حاوية نفايات كبيرة يتسدّح حولها قطط اشكال وألوان وحين انتبهوا لقدومنا غيروا من هيئاتهم ما عدا ثلاثة منهم لم يلقوا لنا بالا

-     قال الأرقط: سلام شلّه

-     الجميع: سلام

رميت الارقط بنظرة نارية قائلا:

-     كأنكم اخذتم طباع البشر. وحتى قلّدتم تحيتهم ،،،خير؟

-     قال:  شكلك حاقد عليهم يا زعيم

-     لا،، لست حاقدا بمفهومهم ولكنني ناقم على سلوكهم و وحشيتهم

-     رد الأرقط:

بحكم معاشرتنا لهم واحتكاكنا بهم عن قرب في هذه الحديقة فقد تطبّعنا بطباعهم ليس حبا بهم ولا بطباعهم ولكن أكل العيش يا زعيم يحتاج الى كثير من التنازلات

-     يعني أصبحتم مثلهم منافقين ؟

-     ليش تسمي التأقلم مع الواقع نفاق؟ اصبر قليلا وسترى.

اثناء حديثي مع الأرقط كانت القطط صامته تنقل النظر فيما بيننا ما عدا الثلاثة إياهم، يبدو بأنهم يصرون على تجاهل قدومي قلت:

-     ما بالهم؟

-     قال الأرقط:

ولا يهمك هؤلاء صيّع وأدعياء منتفخين في الظاهر كالطواويس لكنهم جبناء في المواقف التي تتطلب نُبل الشجعان.

-     قلت: أوووه أمثالهم كُثر في عالم البشر ولو حدثتك عن قصصهم التي وقفت عليها شخصيا اثناء وجودي في بيت (ابو رمش) الله لا يذكره بالخير لكرهتهم أكثر.

-     بعدين... بعدين، دعني أولا أُعرفك على الشلّة التي ستكون عالمك القادم وأنت حُر في قبولك أو رفضك أيّاً من ذلك (الحشد).

     aalkeaid@hotmail.com

ال   الى اللقاء يوم الأثنين القادم


Monday, May 25, 2020

الأشهب، مذكرات قط شوارع (1)

 

مذكرات قط شوارع (1) 

 

لم أعرف التشرّد ولا الهجولة في الشوارع فمكاني الاحضان، أنعم بالدفء والدلع وحتى اثناء النوم لا أشيل همّ الغطاء فهناك من يغطيني بلحاف يحويني مع دلّوعة البيت الرقيقة "سوسو"

الآن الوضع اختلف تماما إذ أصبحت أتسكّع من رصيف الى آخر ومن زقاق الى ممر وحتى القيلولة التي كنت أنعم بها تحت هواء مكيف غرفة الصغيرة اصبحت أتّقي لهيب الشمس أسفل السيارات المتوقفة في الحي وحرارة الاسفلت تشوي جلدي، حين شاهدني قط عجوز بالكاد تحمله قوائمه نظر نحوي طويلا وهو يهز ذيله قائلا:

مثل ما راكم الدلع شحم فخوذك ستذيب لواهيب الرياض حتى هدب عيونك يا الاشهب، ثم مضى مُطرقا برأسه حتى كاد أن يكنس الاسفلت بلسانه.

ضَرَبتْ هذه الكلمات نخاعي الشوكي فأصابتني كهرباء هزّتني حتى أطراف ذيلي الذي انتصب كأصبع سبّابة مُصلي في جلسة التشهّد.

تنبأت حينها بقسوة الشقاء الذي سأواجهه في قادم ألايام فالعجوز لم يقل هذا الكلام من فراغ ولا هو تشفٍّ من غريم فهو لا يعرفني ولم أره من قبل.

صعقتني تلك الكلمات فتيبس لساني وارتعشت أطرافي وأحسست بارتفاع درجة حرارتي حتى غبت عن الوعي.

أفقت على وجع في رأسي وأنا مُمدد على بساط أخضر مُبتلّ تُحيط بي الأشجار والزهور مُنسّقة بشكل هندسي مُدهش لا نعرف نحن عشيرة القطط كيف لهؤلاء البشر القساة ضخام الأجساد غلاظ القلوب أن يتقنوا التعامل مع تلك النباتات الرقيقة ويعتنوا بها وهم أباطرة الهدم والاجتثاث وتلويث كل نظيف.

هل شاهدتم في يومٍ قط لا يُلعق أطرافه لينظفها بين آونة وأُخرى ؟ 

هل شاهدتم في يوم قط يقضي حاجته على الرصيف مثل الكلاب القذرة؟

ألم تسألوا أنفسكم لماذا نحرص على تهيئة مكان نقضي فيه حاجتنا ثم نطمر بالتراب ما يخرج من أمعائنا حتى نواري القذارة عن الأعين.

أثناء تلك التداعيات التي مرّت سريعا في ذهني شاهدت بجانبي قط برتقالي اللون حين رآني استفيق من الاغماء افترّت عن شفتيه الورديتان ابتسامة عريضة:

-     سلامة راسك يا زعيم

-     زعيم؟؟ قلتها في وهن 

-     طبعا زعيم، باين عليك ابن ذوات متربي على النعمة ولون جلدك الرمادي يدل على طيب أصلك، أنت مولود زعيم بالفطرة وربي جابك لنا، نحن المساكين المضطهدين فأنت الأمل والمُنقذ الذي انتظرناه طويلا.

-     قلت : طيب ممكن أعرف مين حضرتك، وما الذي أتى بي هنا؟

-      قال وقد تقلّصت قسمات وجهه:

-     معك بلا فخر أخوك المرتهش قائد فتوّة قطط هذه الحديقة وما جاورها، رأيتك تحتضر تحت الشاحنة وهرعت لنجدتك بعد أن خذلك الجاسوس العجوز، فجررتك من اذنك لأُنعِشك برذاذ رشاشات ماء سُقيا العُشب الذي أعرف بالدقة متى تنطلق. الرشاشات هُنا يا زعيم لا تتأخر كقطارات لندن!

-     قلت: قطارات لندن؟

-     قال نعم، فالقطارات هناك تتحرك في مواعيدها بالثانية

-     قلت لكننا في الرياض فما علاقة لندن؟

-     قال صحيح يا زعيم نحن في الرياض والناس هنا لا يهمهم الالتزام بالمواعيد لكن المهندس المسؤول عن حدائق الرياض تعلّم في الغرب وأصرّ على أن تشتغل كل رشاشات الماء بوقت مُحدد وموحّد وليس كآذان المساجد متفاوتة!

لهذا أسرعت لنجدتك. 

سحبتك من تحت الشاحنة من اذنك وهي طبيعتنا نحن القطط، وأنت تعرف أقوى ما فينا عصب آذاننا والمخالب.

المهم هل أنت الآن أفضل يا زعيم؟

aalkeaid@hotmail.com

موعدنا يوم الأثنين القادم، للاشتراك يُرجى الضغط على كلمة (متابعة) اسفل الموقع



Wednesday, May 20, 2020

هل تعرف من تُخاطب؟

 
هل تعرف من تخاطب
يحدث كثيرا أن نرى ونسمع من يقول: هل تعرف من الواقف أمامك؟ أو من أنا؟ 
وفي الغالب يقولها صاحب منصب رسمي مغرور
أو أحد أفراد اسرته أو اقربائه وحتى سكرتيره أو حامل شنطته وغيرهم ممن يدورون في فلكه.
هذا الكلام المتعجرف ليس القصد منه التعريف بقدر ما هو تهديد للطرف الآخر.
وطالما هذه النماذج موجودة بيننا وتجد من ينفّذ لها الأوامر فلن يحترم بقية الناس القانون أو يلتزمون بالنظام.
aalkeaid@hotmail.com

Monday, May 18, 2020

الأشهب، مذكرات قط شوارع


 
الأشهب مذكرات قط شوارع 
مقدمة :                                                      

تغصّ مدينتنا بالقطط، تلك السنّوريات التي تزاوجت وتوالدت وكبرت وعاشت حياتها بين الأزقة والطرقات وبجوار حاويات النفايات وفي مداخل العمارات السكنية وتتعرض هذه الكائنات المُسالمة للمطاردة والأذى والتعذيب من قِبل أولئك الذين يفتقدون للاحساس والرحمة، ناهيك عن سحقها تحت كفرات السيارات المسرعة

 تحتضر وحيدة، ترتعش ثم تُسلم الروح.

قططنا في هذه الحكاية غير.

قطط ذكيّة وجدتْ في حديقة الحي الراقي ملجأ وملاذا. يروي حكاياتها قط أشهب اللون والمزاج طردهُ (رب نعمته) أو كافله منذ كان بزّوناً صغيرا بالكاد يدرج على أربع وسبب طرد (ابورمش) وهي كُنية رب الأسرة التي تبنّت الأشهب، بسبب تعلّق اطفاله خاصّة دلّوعته ابنته الصغيرة آخر العنقود،  لهذا تركه ينعم بحياة مُرفهة حتى حدث ما لم يك يتوقعه أحد حتى حُسّاد الأشهب.

ففي يومٍ قائض أتى (ابورمش) للمنزل مرهقا تالف الاعصاب جراء ازدحام طرقات المدينة المكتظّة بالسيارات وكان بحاجة الى لحظات من الاسترخاء قبل أن يتناول وجبة الغداء ثم يستسلم لقيلولته اليومية التي لا يتنازل عنها مهما كان السبب. وبالفعل رمى غترته وعقاله جانبا وانتثر على (الصوفا) وهو ينفث ما في جوفه من انفاس ملتهبة ليقفز الأشهب على بطنه المنتفخة ففز الرجل لاعنا وهو يقذف بساعده الايمن القط ناحية الجدار فاطلق مواءً شق به هدوء المنزل فهرعت ابنته الصغيرة لمعرفة ما الذي حدث للقطّ، فوجدته يدور في الصالة كالمسعور،

صرخت :بوسبوس .... اسم الله عليك؟

رأى (ابورمش) اهتمام ابنته بالقط أكثر من اهتمامها به، فاشتعلت في داخله نار الغيرة فقرر التخلص فورا من الأشهب واقتلاعه من ذاكرة صغيرته الى الأبد.

تنويه: سأنشر المذكرات على أجزاء، كل يوم أثنين حتى نهاية الحكاية، فتابعوها إن رغبتم,,, 

 

                                                             

Wednesday, May 13, 2020

الرجل الذي عانى من تعذيب أمّه



 

الرجل الذي عانى من تعذيب أمّه

حين اقتنيت كتاب «حكاية رجل اسمه دايف» قصّة انتصار وغفران من تأليف الأميركي دايف بيلزر ظننت للوهلة الأولى بأنني سأدخل عالم السحر الروائي وأقضي ساعات ماتعة مع الخيال في تتبع أحداث وشخوص الرواية

لكن ابدا هذا لم يحدث بل على العكس كلما توغّلت في الأحداث يزداد شعوري بالانقباض وتعاطفي يتعاظم مع بطل الحكاية ذلك الطفل الصغير الذي اسمه دايف بسبب ما يتعرّض له من تعنيف وظلم بل وتعذيب من قبل أمّه التي يصرّ على تسميتها ب(الوالدة) لكي يوحي بالفرق ما بين أن تكون أُمّا رؤوما حنوناً وبين من ولدته من بطنها فأصبحت والدته بالطبيعة.

الكتاب إذاً يتحدّث عن العنف الذي يتعرّض له الأطفال داخل بيوتهم ومن أقربائهم من الدرجة الأولى كالأم والأب والأخوة حيث يسترجع المؤلف تجربته المريرة مع والدته وكيف كانت تعامله بكل قسوة بسبب ادمانها شرب الخمر، ثم يتحدث عن وجع صمته عن البوح لأحد بما يعانيه خوفاً من انتقامها الى أن اكتشف أحد معلميه حالته وقام بإبلاغ السلطات التي بدورها أنقذته بانتزاعه من عذاباته وإلحاقه تحت رعاية اسرة متطوعة لتتبنى احتضانه حتى سن الرشد.

تقول السيدة «كلير جاغواير» وهي مُعالِجة متخصصة بشؤون الزواج والأسرة (حسب الكتاب) إن روعة دايف بيلزر(المؤلف) تكمن في تمكنه من أن يحوّل معاناته الشديدة الى حياة كرّسها ويكرّسها لمساعدة الآخرين وكيف استطاع أن يسامح والدته القاسية على سنوات العذاب من خلال قدرته الشافية على التسامح.

غصّتْ الرواية بقدرٍ هائل من الوجع مما دفعني للتساؤل عن حال أطفال مجتمعنا العربي الذين يعاني الكثير منهم الأمرّين بين جدران منازلهم وداخل محيطهم الأسري المُغلق في ظل عدم ملاحظة المدرسة عن تلك المعاناة وغياب القوانين الصارمة التي تحميهم من العنف الأسري فلمن يلجؤون؟

 ثم هل تسمح مؤسسات دور الرعاية الاجتماعية أن يأتي شخص (امرأة/ رجل) تطوعا لكي يستعرض تجربته القاسية مع العنف الأسري وكيف استطاع تجاوزها واستثمارها إيجابا لصالح نفسه وتحقيق نجاحات وانجازات شخصية كما فعل (دايف بيلزر) من أجل رفع معنويات من هم في تلك الدور وحقنهم بالطاقات الإيجابية؟

لا يظنن أحد بقدرة الأطفال على الانتصار لأنفسهم من ذوات أنفسهم وسيستمر صمتهم خوفا من عقاب آخر وعذاب آخر.

aalkeaid@hotmail.com


اتصل بنا

Name

Email *

Message *