Wednesday, November 15, 2023
Saturday, September 3, 2022
الجوع
الجوع
اشرأبا بعنقيهما وجها لوجه حتى شواربهما تكاد أن
تشتبك. نظرات نارية مُتبادلة بؤبؤ فولاذي في مواجهة بؤبؤ من لهب أما الحاجبان
الغاضبان فكأنهما وترا قوس مشدود ستنطلق منه السهام المسمومة تباعا.
الجسدان متقوسان متحفزان للضربة الخاطفة الأولى
فمن يبدأ المعركة الليل بغموضه أم النهار بصرامة صراحته.
قطّان متعافيان ينضح منهما البطر والبطش والقوة.
أحدهما أسود كالليل أما الأخر فهو ناصع البياض كنهار صيفي صاف سكن فيه حتى الهواء.
لم يأبها لما يدور حولهما من حياة ضاجة صاخبة في
أحد صباحات مدينة عملاقة مكتظة بالبشر والسيارات وأعراس القطط التي تقام حتى في
وضح النهار أمام السابلة واللي ما يشتري يتفرّج.
قطٌ أشهب عجوز قد تهدّلت شواربه وأكلت البراغيث
شعر ذيله الأجرد كان يراقبهما من تحت شاحنة قديمة قد ربض حديد عجلاتها على سطح
الاسفلت بعد أن اهترأ المطاط وتمزّق بفعل حراراة الشمس اللاهبة وتعاقب الدهور وقد عطب محركها وأنّت مفاصلها من حمولات تنوء بحملها اعتى الجبال.
قال الأشهب العجوز لنفسه وهو يسخر من استعراض قوة
النهار المزيفة أمام خبث الليل لك العقرب السوداء منزوعة "السم" يالهما من
مغروران أعرفهما سيهربان كالفئران في حضور (الدوبرمان) الشرس حتى ولو كان مقيدا
بسلسلة غليظة في عنقة. هكذا هما دائما شجاعان في مواجهة بعضهما جبناء منهزمون أمام
الغريب.
عُدت كي استطلع بقية الحكاية وفي ذهني دماء واشلاء
وتجمهر وتغطية مباشرة للحدث واذا بي أمام مشهد بارد كبرودة الطقس في مربعانية الشتاء.
الليل والنهار قد غطسا رأسيهما في كيس نفايات
ينقبان عمّا يسكت عدوهما المشترك جوع البطون.
Monday, May 23, 2022
الخال يهذي في هارلم
يبدو أن الشك هو أساس عمل حرّاس وموظفي السفارات الأمريكية في كل مكان في العالم،
أتفهّم ذلك جيدا، إذ أن التهديدات صارت تطالهم ليل نهار. من هنا ،ألا يُفترض في ساسة
الولايات المتحدة أن يتساءلوا :
-لماذا نحن مهددون، مُبغضون، غير مُرحّب بنا في أي مكان، نحن مهددون حتى في عقر دارنا ؟
ما علينا..
وقف في طابور الدخول خلف بوابة مصفّحة يقف خلفها حُرّاس أمن ،يلبسون زيا
أسود يميزهم عن العسكر السعوديين. وجوههم عبوسة لا يبتسمون ،ولا يتكلمون مع أحد إلا
بالأوامر: اخلع هذا، ضع محفظتك هناك، أُدخل من هُنا، إذهب الى هناك..
الآن، هو داخل مبنى السفارة الأمريكية بكل قبحها وجوّها الفاقد للألفة الإنسانية
كما بدا له وهو يمسح أرجاءها بنظرة فاحصة.
ازدادت دهشته حين رأى عدد طالبي تأشيرة الدخول للولايات المتحدة سواء من
السعوديين والسعوديات أو من بقية الجنسيات الأخرى وطالبي الهجرة ،فعاد السؤال يُلح
:
رغم كل هذا التضييق وذلك الذل في التعامل لماذا يصبح السفر لأمريكا حُلما؟ ما الذي يجعل تلك البلاد مهوى لأفئدة الناس؟ الغريب أن البنات السعوديات (يُعرفن من جوازات السفر بين أيديهن) أنهن داخل مبنى السفارة قد تخلين عن اللباس المعتاد. أسدلن شعورهن وكشفن عن وجوههن وأبدين لباسهن ، بل إن اغلبهن لبسن بناطيل الجينز و(التي شيرتات) على الموضة وقصصن شعرهن وصبغنه بألوان غير معتادة...هذا وهن لم يغادرن الرياض بعد!!
(سطور من رواية الخال يهذي في هارلم للكاتب عبدالله الكعيد، منشورات دار عزّة، الخرطوم/السودان)
Sunday, April 24, 2022
منيو الأسلحة الفتَاكة
لا يوجد طفل في عالمنا العربي لم يشهد حرباً أو أكثر بشكلٍ مُباشر أو
غير مباشر ولكن بعض أطفال الضفاف الأخرى البعيدة سمعوا فقط عن الحرب في حالة كان
آباؤهم أو امهاتهم مُجندين في حربٍ لا يؤمنون بها غير أنهم دُفعوا للمعركة بسبب
سياسة رعناء قادها رئيس طائش أو مجموعة من صقور الساسة الذين يؤمنون بالحديد والنار
حلاّ لمشاكل العالم.
الشيء المُخيف حين لا تكون أخلاقيات الحرب سوى قوانين ومواثيق أعدتها مجموعة مُتشددة بعد انتصار في حرب كبرى ففرضوا ما يُريدون وما يخدم مصالحهم بل ويُهيئ لهم النصر في كل معركة سيدخلونها سواء أكانت حرباً عسكرية أم سياسية أم اقتصادية.
الذي أوصلني إلى هذه النتيجة حديث السيّد (روبرت.س.ماكنمارا) وزير
الدفاع الأمريكي من عام 1961 وحتى 1967م أي فترة تصاعد حدّة الحرب في فيتنام، حين
قال في برنامج وثائقي بثّته قناة العربية الإخبارية: " لم أكن لأوافق على
استخدام بعض أنواع الأسلحة الكيميائية لو كان هناك قانون يُحدد نوعها ومقدارها
".
يعني يوجد لديهم قائمة(
منيو) فيها كل ما لذّ وطاب (لهم بالطبع) من أسلحة الدمار القادرة ليس فقط على حرق
الأجساد البشرية بل تبخيرها في الهواء وكأن لم تكن، وما على القائد العسكري إلا
اختيار نوع القنابل حسب مزاجه في تلك اللحظة بالضبط كما يختار الحساء ودرجة استواء
(الستيك)،المهم أن تكون الأسلحة حسب المبادئ الأمريكية بصرف النظر عن وحشيتها
أو خرقها لكل الأخلاقيات والقوانين الدولية ولو لم تجد الأسلحة الذرية مُعارضة صارمة من المُجتمع
الدولي لكانت فيما يبدو أول اختيارات بعض الجنرالات المتوحشين.
لا يعني كلامي هذا انفراد أمريكا وجيشها بالوحشية فكل من لا يُقيم وزناً للإنسان والإنسانية فهو يسير على ذات النهج، السيد ماكنمارا مات عن
عُمر قارب المائة عام ولم تمت نظرياته فقد ورد في كتابه (نظرة إلى الوراء) قوله
" أعتقد أننا نفعل واجبنا حسب المبادئ الأمريكية، لكننا كُنا مُخطئين "
بعد إيه ياسيّد مكنمارا؟؟ هاهو بوش الصغير وكولن باول ورامسفيلد وبقية جوقة اليانكيز أيضاً يُخطئون مثلك فمتى يتم العمل بالمبادئ الإنسانية (التي تتجاهلونها) كي لا تُخطئون؟؟
Wednesday, April 6, 2022
لك الله أيها المواطن العربي المغدور
من الذي سيُلملمْ القطع؟؟
سؤال طرحه الكاتب المتخصص في الإرهاب
وقضايا الشرق الأوسط "كريستوفر ديكي" في مقال له تحت عنوان "نظرية
الفوضى"؛ نُشر في مجلة نيوزويك العدد الصادر بتاريخ 25 مارس 2003م، أي قبل حوالي تسعة
عشر عاما، وقد تنبأ الكاتب في المقال عن حال العراق بعد رحيل صدام حسين وأشار بأن
العراقيين سينقلب بعضهم على بعض وقد يكون ذلك مجرد البداية لتفكك الشرق الأوسط!
وبالفعل هذا الذي حدث؛ فالمراقب
لأحوال عالمنا العربي اليوم يرى التردي على كافة الصُعد في البلدان التي اشتعلت
فيها ثورات الشعوب بعد غزو العراق ببضع سنوات وأطاحت بالحكومات والأنظمة فيها.
في ذات المقال الذي أحتفظُ فيه للآن يقول "ديكي" بالنص: عندما يرى الأمريكيون أن هناك حرباً
أهلية (يقصد في العراق بعد غزوها) لا أظن بأنهم سيتحملون وضعاً أسوأ من فيتنام.
وأول ما سيفعلونه هو القول "لقد أنجزنا مهمتنا.. إلى اللقاء" فمن الذي
سيلملم القطع؟
وهذا بالضبط ما حدث أيضا في أفغانستان
حين هرب الجيش الأمريكي تاركا أسلحته ومعداته التي لملمها ألأفغان وباعوا بعضها في
سوق الخردوات.
حسناً:
لقد حدثت متغيرات خطيرة في عالمنا العربي بعد غزو الولايات المتحدة الأمريكية للعراق تلتها أحداث ما سُمي بالربيع العربي، فهل كل ما حدث كان محض صدفة؟ ثم ماذا كانت النتيجة هل تغير وضع المنطقة من حال رديء إلى حال أفضل؟ وهل تحقق للشعوب العربية ما كانت تأمل وتحلم به؟
أخيراً أسأل:- هل هناك أمل في استقرار وتحسن الأوضاع في العالم العربي أم
أن الحال سيزداد سوءاً؟
الجواب أتركه لفطنة القارئ ومشاهداته
للعروض المسرحية التراجيكوميدية ذات النهايات المفتوحة.
وعلى طريقة الكاتب "ديكي"
أتساءل:
بعد كل ذلك الدمار مَنْ الذي لملم القطع في العراق وتونس وليبيا وسوريا التي مازالت تتمزق واليمن الذي تمزّقه ميليشيات الحوثي ليل نهار؟
ومَنْ سيُداوي أحزان مَنْ فقدوا (رغما عن انوفهم) أحبة
لهم في تلك الأحداث؟
ليس لي من قول سوى: لك الله أيها المواطن العربي المغدور من القريب (جغرافيا) قبل البعيد!!
Friday, March 25, 2022
Wednesday, March 16, 2022
حقوق الانسان، يا لها من خدعة
حقوق الانسان، يا لها من خدعة
دعونا نقولها بكل صراحة ان الدول الكبرى تستحضر ملف حقوق
الإنسان متى ما أرادت خصوصاً حين يكون لها أهداف ما أو مصالح مشبوهة تقف ضدها دولة
معينة. ولنا على سبيل المثال لا الحصر ابتزاز أمريكا للصين حول هذا الأمر أوضح
مثال والسبب رعبهم من التنين الأصفر جعلهم يلوّحون بملف حقوق الإنسان في كل وقت
يشعرون فيه بالخطر.
البلدان العربية ومنها بلادنا ليست استثناء عن غيرها لهذا
تتعرض لانتهاك حقها السيادي في احكامها العدلية والقضائية بسبب هذا الملف القابل
للتطويع والاعتساف.
المُضحك في الحكاية أن من يتحدث عن هذا الملف ويستغلّه هم
أكثر الدول والحكومات انتهاكا لحقوق الانسان والأكثر عنفا ودموية في التاريخ
القديم والحديث وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي يعتقد ساستها
أن لهم الحق في رفع العصا على كل من يخالف توجهاتهم
لا نُنكر حدوث تجاوزات في حقوق بعض الأفراد ولهذا السبب
أُنشئت لدينا جمعية أهلية تُعنى بحقوق الإنسان وأُخرى رسمية تهتم بتلك الانتهاكات
وترفع بها للجهات العليا حتى يمكن إصدار قرارات نافذة تعيد الحقوق لأصحابها وترفع
الظلم عن المظلوم أو صاحب الحق
بالمختصر أقول :نحن في بلادنا وغيرنا من الدول ذات السيادة
على قراراتها لدينا القدرة من خلال القنوات القانونية والحقوقية على حل قضايانا
دون تدخل من أحد يحاول فرض رؤيته علينا ومحاولة ليّ أذرعتنا وتشويه سمعة أوطاننا
بحجّة حقوق الإنسان.
Sunday, March 6, 2022
إنهم بلا ضمير
إنهم بلا ضمير
أحاول قدر ما يسمح بهِ وقتي رصد تعابير
الساسة وكبار المسؤلين الذين نراهم ليل نهار
من خلال شاشة التلفاز حين يدلون بتصريحاتٍ أو حين يقرأ الناطق الرسمي بيانٍ مُعد مُسبقا حول القضايا المصيرية التي
تهم شعوب معينة أو مناطق محددة في هذا الكون وخرجتُ بتصوّر أرجو أن أكون مُخطئاً متوهماً
فيما ذهبت اليه .
النتيجة التي خرجت بها بعد الرصد
والمتابعة أن معظمهم إن لم يك جميعهم لا يخلو حديثهم من أكاذيب أو تدليس، وفي وقتِ ستعتمد القرارات الأممية في مجلس الأمن غالبا على تلك (الأكاذيب) فإنني أُشفق على
الشعوب التي سينالها الضرر جرّاء تلك الخزعبلات والأحابيل الكلامية التي ينسجها
هؤلاء الساسة(نساءً ورجالا) الذين لا يحملون بين جوانحهم ضمير (صاحي)! فتساءلتُ في نفسي هل من
شروط تولي مثل تلك المناصب أن يكون شاغرها بلا ضمير يؤنبه حين يكذب ويقرّعه
حين يراوغ ويقلق (منامه) حين يُدلّس..؟؟
قليلٌ منهم من يقول الحقيقة فالكل يحوم حول الحِمى لكنه يتخندق خلف متاريس الأكاذيب ، اسألوا أنفسكم من فيهم الصادق..؟ حتى يسهل الجواب اختاروا أيّ قضيّة عالمية واصغوا جيداً لخطاباتهم حتى تعرفون كيف هُم يُراوغون فقد أدمنوا الكذب.
Wednesday, December 16, 2020
حكومة تصريف الأعمال
حكومة تصريف الأعمال
معنى حكومة تصريف الأعمال ذلك المصطلح السياسي الذي يتكرر في نشرات الأخبار واضح. حكومة انتهت مدة رئاستها القانونية أو قدمتْ استقالتها بإرادة من رئيسها او بسبب ضغوط مورست عليه ولكن لسبب أو لآخر بقيتْ تلك الحكومة لتصريف أعمال الدولة وشئون الناس حتى يتم تعيين أو انتخاب حكومة جديدة.
حسناً
ما الذي سيتغيّر اثناء عهد حكومة تصريف الأعمال عنه في ظل وجود حكومة مُتوّجه بمباركة رئيس الدولة؟
أعني ما الذي سيختلف
في حياة الناس، الناس البسطاء مثل سائق التاكسي، بائع الخضار، الفلاّح، تلميذة
فقيرة بلا حقيبة مدرسيّة، قاطع تذاكر في صالة سينما..الخ.
هل ستتوقف حياتهم بسبب
استقالة الحكومة لكنها هي ذاتها باقية فعليا لتصريف الاعمال؟
هل سيجوع الخلق أو سيتأرّق
نومهم أو سيتوقفون عن سماع فيروز في صباحاتهم؟
هل سيتوقف الناس عن
السفر أو ستتعطل المطارات ووسائل النقل والمواصلات؟؟ يطول مدى هذه الأسئلة لهذا سأختصر
وأقف عند مقولة العرب " كلّه بالبركة ماشي " يعني ربما يكون تأثير أيّ
"وزارة" في عالمنا العربي على بسطاء الناس وعامتهم محدود بل محدود جداً.
ماذا لو تم الغاء مناصب
الوزراء بما فيهم رئيس الوزراء ذاته للأبد وتم صرف مرتباتهم وعلاواتهم ومميزاتهم
المالية على الفقراء هل ستتوقف الحياة، أو تقوم القيامة؟
إن ما يهم الناس في الواقع هو توفير الأمن في
الداخل والحماية من أخطار الخارج وبقيّة شئون حياتهم يمكن أن تسير دون تدخّل من
أحد
, يعني بلا بطيخ ولا وزارة
طاخ طيخ!
الشيء بالشيء يُذكر
أقول أن مفردة "تصريف" تعني في مجتمعنا المحليّ "زحلقة" بمعنى
آخر "تطييب خاطر" بكلام ووعود لكن لا يقبض الموعود سوى على الريح. ويقال أيضا عن تصريف الشخص "تسليك" فيقولون (سلّك له) يعني زحلقه فلربما الهدف
الرئيس من تكليف حكومة تصريف الأعمال هو الزحلقة أو التسليك!!
Tuesday, August 11, 2020
نهر النيل...لمن؟
نهر النيل ...لمن؟
نهر النيل..لمن؟
قبل حلول
القرن الحادي والعشرين بسنوات قليلة تعالت أصوات بعض من يطلقون على أنفسهم صفة (محلل استراتيجي) ولا أعرف حقيقةً من هو أول من ابتكر هذا المُسمى الفخم.
ما
علينا..
كنت أقول
بأن هؤلاء (المحللون الاستراتيجيون) قد تعالت اصواتهم منذرين بنشوب حروب متعددة في
القرن الحالي وربما القرون التالية لكنها مختلفة من
ناحية اسباب الاشتعال لأن السبب الحديث أو المستحدث حسب توقعاتهم سيكون النزاع على المياه
ركيزة حياة كل كائن حيّ.
في
الحقيقة لم يأخذ البعض وخصوصا الحكومات هذا الطرح مأخذ الجد وبالتالي لم ينل
الاهتمام الكافي لأنهم استبعدوا وما زالوا يستبعدون نشوء مثل هذه الحروب فالمنطق
يقول أن المياه العابرة للأراضي عبر الانهار (الطبيعيّة) لم تُبنَ أو تُنشأ عبر
التاريخ بإرادة الانسان ولا بقرارِ منه أو من تنفيذه بل هي هبة ربانية وعنصر من
عناصر الطبيعة التي تكوّن كوكب الأرض كالبحار والجبال والغابات والصحاري والوديان
وغيرها لهذا لن يجرؤ أحدا (حسب تفكير الحكومات أو الخبراء والمستشارين) بالعبث في
هذه الحقيقة الكونية ولا مناص من قبولها والتعايش معها ولا بد والحال كذلك استبعاد
النزاعات السياسية أو الجهوية عن هذا الموضوع الحيوي وترك الجغرافيا كما هي دون
عبث أحمق أو مطامع مجنونة.
لكن أيّ الفريقان (المحللون الاستراتيجيون أم الحكومات والخبراء) صحت رؤيته؟
يجوز
القول من خلال رصد الأحداث التي وقعت بمنطقة الشرق الأوسط في السنوات القليلة
الماضية بأن لا هؤلاء ولا أولئك صحّت رؤيته حتى كتابة هذه السطور على الأقل، والدليل:
عبث
الطاووس العثماني (اردوغان) بمياه نهري دجله والفرات والتي تنحدر من الشمال وتمر
بأراضي سوريا و العراق حتى يلتقيان ( أي دجلة والفرات) في شط العرب وأخيرا الى
مياه الخليج العربي جنوباً.
وقد أقام
وهو المهووس بأحلام اعادة الاحتلال العثماني للأراضي العربيّة سدودا تتحكم في
جريان المياه في هذين النهرين وبالتالي حرمان سوريا والعراق من حقهما الشرعي الذي
تصونه البروتوكولات الأممية والاتفاقيات الدولية العامة أو الثنائية الموقعة بين
أيّ دولتين والمحفوظة في وثائق الأمم المتحدة.
هل قامت
حرب مياه بسبب هذا الاعتداء السافر؟
طبعا لا
حسناً...
لنفترض
جدلاً بأن لا سوريا ولا العراق لديهما القوة الكافية لمواجهة هذا الاعتداء
اللاإنساني اين المنظمات الدولية ومحاكم العدل وقبلها مجلس الأمن لردع هذا المخبول؟
اذا هناك
اعتداء واضح قابلهُ صمت فاضح!
في حالة
سدّ النهضة وهو الموضوع الذي يفترض أن أُسهب في تفاصيله لكني ترددت بعد أن تابعت الوسائل
الإعلامية بكافة أقنيتها في مصر فوجدتها قد كفتني عناء الاسهاب وايراد التفاصيل
بما فيها المعلومات الجغرافية لنهر النيل العظيم وكذا تاريخ دول المنبع والمرور
حتى المصب.
لكن هناك
جوانب أو ابعاد حول قضية سد النهضة تم التطرق لها بشكل عابر أو على استحياء ربما
بسبب حساسية الأشقاء في مصر من أن يُفسّر كلامهم على أنه استقواء أو تباهٍ أو حتى
اعتزاز بالنفس وربما قد يُفسّر بالعنصرية أيضا.
في هذه
الحالة لا يجد كاتب هذه السطور حرجا حين أقول وأنا الإعلامي المحايد كما أظن بنفسي
فلست سودانيا أو مصريا وإن كان لي رفيع الشرف لو كنت كذلك ولا اثيوبيا بل عربي
يحاول إيضاح الحقيقة.
أقول بأن
أحد جوانب هذه القضية والذي يتحسس البعض من الإشارة اليه هو تاريخ (حكومات) وسياسة
دول أطراف هذا النزاع وثقلها الاستراتيجي إقليميا ودوليا. وهو ربما ما يُجيب على
السؤال الكبير:
لماذا
الآن؟
نعم
لماذا أصرّت اثيوبيا على بناء السد وبالتالي التحكّم في أنصبة كل من السودان ومصر
من مياه نهر النيل؟
ولماذا
لم تبادر فعل ذلك أنظمة الحكم السابقة متغيرة الاتجاهات السياسية في اثيوبيا وأقول
(متغيرة بكل ما في هذه المفردة من معنى ودلالات)!
شخصيّا لا
أظن بأن حكومة اثيوبيا الحالية لا تدرك عواقب هذا التعنت، بل تدركه وتعي خطورته
ولكن " ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ،،،ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد "
حسب قصيدة طرفة بن العبد.
الشيء
بالشيء يُذكر أقول وقد شارفت على خاتمة كلامي هذا بأن نهر الأمازون في قارة أمريكا
الجنوبية وهو ثاني أطول نهر في العالم بعد نهر النيل العظيم (حسب موسوعة
ويكيبيديا) يُشكّله مجموعة من الأنهار والسهول الفيضية في كل من البرازيل وبيرو
والإكوادور وكولومبيا وفنزويلا والتي تصب مياهها في نهر سوليموس وروافده، "أعالي
الأمازون" ثم يمر ذلك النهر الكبير بالبرازيل وبيرو، وتصل روافده إلى كل من
فنزويلا وكولومبيا والإكوادور وبوليفيا.
لم تقل
أي دولة من دول المنبع أو الروافد أن (الأمازون) لنا أو نحن من لهم الفضل على
البقية فيما يشربون ويسقون زروعهم ومواشيهم
لكن وزير
خارجية اثيوبيا غيدو أندر غاشو له رأي مختلف حين كتب النص التالي(حسب مصادر
اعلامية افريقية) "تهانينا لنهر النيل الذي أصبح بحيرة ونهرا جاريا، وسنستفيد
من موارده وأنهره للتنمية، ونهر النيل أوفى بوعده وهو لنا"
قال
" وهو لنا " أي نهر النيل حسب زعمه (لهم)
هنا أعود
لفاتحة هذا المقال وأسأل: " نهر النيل لمن"؟؟
قطعا
ودون أدنى شكّ النيل ليس لأثيوبيا وهو مثل أي نهر في العالم لا يمكن لأحد إدّعاء ملكيته
كما أدعى السيد وزير خارجية اثيوبيا حيال ملكية نهر النيل.
Monday, March 9, 2020
هل هي مؤامرة؟ لا زال السؤال يتجدد
هل هي مؤامرة؟ لا زال السؤال يتجدد
في الآن "آن وقوفي" اشتممت أو هكذا خُيّل لي رائحة التواطؤ تخرج مع بخار الماء من الحُفرة (رمز الانهيار وابتلاع الحطام)
وشفرة كوادر الاستخبارات تتلاشى مع الفقاقيع كوميض البرق ،أو كالخاطرة التي لمعت في ذهن ذلك الخبيث الذي خطط و اختفى.