Saturday, September 3, 2022

الجوع

 



                                                                    الجوع

اشرأبا بعنقيهما وجها لوجه حتى شواربهما تكاد أن تشتبك. نظرات نارية مُتبادلة بؤبؤ فولاذي في مواجهة بؤبؤ من لهب أما الحاجبان الغاضبان فكأنهما وترا قوس مشدود ستنطلق منه السهام المسمومة تباعا.
الجسدان متقوسان متحفزان للضربة الخاطفة الأولى فمن يبدأ المعركة الليل بغموضه أم النهار بصرامة صراحته.
قطّان متعافيان ينضح منهما البطر والبطش والقوة. أحدهما أسود كالليل أما الأخر فهو ناصع البياض كنهار صيفي صاف سكن فيه حتى الهواء.
لم يأبها لما يدور حولهما من حياة ضاجة صاخبة في أحد صباحات مدينة عملاقة مكتظة بالبشر والسيارات وأعراس القطط التي تقام حتى في وضح النهار أمام السابلة واللي ما يشتري يتفرّج.
قطٌ أشهب عجوز قد تهدّلت شواربه وأكلت البراغيث شعر ذيله الأجرد كان يراقبهما من تحت شاحنة قديمة قد ربض حديد عجلاتها على سطح الاسفلت بعد أن اهترأ المطاط وتمزّق بفعل حراراة الشمس اللاهبة وتعاقب الدهور وقد عطب محركها وأنّت مفاصلها من حمولات تنوء بحملها اعتى الجبال.
قال الأشهب العجوز لنفسه وهو يسخر من استعراض قوة النهار المزيفة أمام خبث الليل لك العقرب السوداء منزوعة "السم" يالهما من مغروران أعرفهما سيهربان كالفئران في حضور (الدوبرمان) الشرس حتى ولو كان مقيدا بسلسلة غليظة في عنقة. هكذا هما دائما شجاعان في مواجهة بعضهما جبناء منهزمون أمام الغريب.
عُدت كي استطلع بقية الحكاية وفي ذهني دماء واشلاء وتجمهر وتغطية مباشرة للحدث واذا بي أمام مشهد بارد كبرودة الطقس في مربعانية الشتاء.
الليل والنهار قد غطسا رأسيهما في كيس نفايات ينقبان عمّا يسكت عدوهما المشترك جوع البطون.


No comments:

Post a Comment

اتصل بنا

Name

Email *

Message *