Monday, December 11, 2023

الرياض التي في خاطري

 الرياض التي في خاطري(7)


أحدث انضمام زميل لنا من أهل شمال الوطن منتصف عام 1975 (كونه العازب الرابع في بيتنا الشعبي بحي الجرّادية في الرياض بالقرب من سوق العلف) تغييرا كبيرا في شكل وإدارة العزبة. كان الملازم (س) وسيما أنيقا طويل القامة محباً للنظافة والترتيب بعكس زميلاي اللذين يمثلان الفوضى بكافة أشكالها.

الزميل الجديد يعمل في جهةٍ حكومية رفيعة المقام تتطلب الأناقة في الملبس بما فيه ارتداء المشلح (البشت) الذي لم يعرفه أحد منّا من قبل فكان الزميلان الفوضويان يتندران بشكل ضاحك على صاحب السعادة كما كانا يُطلقان عليه. ناهيك عن المقالب التي كانا يدبرانها له رغم العلقات التي كان يرد بها (الشمالي) بلا هوادة وهما يقبلانها بكل أريحية بسبب العلاقة الحبيّة النقيّة من ملوثات عصرنا الحالي وهي التي أفضت بصاحبنا الأنيق الاندماج تلقائياً مع  بيئة المرح والصخب اليومي الذي كان يسود حياتنا آنذاك.

ضمن ما أحدثة انضمام زميلنا (الشمالي) للشلّة تزايد زيارة ألاصدقاء وزملاء العمل يوماً بعد آخر حتى اصبحت العزبة مكانا للسمر ولعب البلوت وتدخين الشيشة وأشياء أُخرى! فدخلت عزبتنا مصطلحات لم نعهدها من قبل مثل "مد اللي يا اخينا" و " قم زبّط الراس" و " إحكر البرّاد المنعّنش" وغيرها. المشاغبان وجدا فرصتهما للتعنطز على الضيوف بحكم انهما اصحاب مكان فتقاعسا عن اداء المهام اليومية الموكولة لهما والقيا بها على رواد العزبة خصوصا أولئك الذين تعيّنوا في الرياض وهم يحلمون بالنقل قريباً حيث الأهل والأصحاب ومراتع الصبا هُناك في مناطقهم البعيدة فوجدوا بيتنا الشعبي في الحي الشعبي بكل تعاسته سلوتهم الوحيدة رغم الأوامر الصادرة من المتعنطزين الجدد (على وزن المحافظين الجديد)!

استثنى(الشمالي) نفسه بنفسه من أعباء مسؤليات عمل العزبة من تنظيف  وغسل الأواني والطبخ لأنها حسب زعمه لا تليق بوظيفته الهامة ومكانته المختلفة عنّا وتنازل بطوعهِ فقط على دفع نصيبه الشهري من قيمة أجار البيت ومصاريف المشتريات اليومية. 

احتج الثنائي المشاكس في البداية على ذلك الاستثاء سيّما وهو عضو غير مُؤسِس فبأي صفةٍ يمكن قبول ترفعه عن تلك المسؤوليات مثله مثلنا! لكن في النهاية فرضت نظرية قٌدرة القوي على الضعيف نفسها وتم قبول استثناءه على مضض مع تبييت النيّة على الانتقام بطريقتهما الخاصة متى ما زان الرمي وحان وقته. سأتجدث  عن تلك المواقف في قادم الأيام إن كان لي في هذه الحياة من بقيّة.


اعتذار: 

عدم انتظام نشر هذه السلسلة بسبب عودتي للركض الصجافي ومواصلة كتاية زاوية (القافلة تسير) في تجربة أخرى لأول مرة مع جريدة الجزيرة السعودية بعد توقف طال تفرّغت فيه للتأليف اضافة لما سبق من مؤلفات فصدر لي : " الأشهب/ الخال يهذي في هارلم/ إنتقام الضفادع والآن إصدار حديد تحت الطبع.

القاهرة 11 ديسمبر 2023

اتصل بنا

Name

Email *

Message *